|
ماجد كيالي
اعترافات عباس صريحة ومتأخّرة
الثلاثاء، ٢٧ فبراير/ شباط ٢٠١٨ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
أطاحت انحيازات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإسرائيل، دفعة واحدة بكل المراهنات، أو التوهّمات، التي حكمت القيادة الفلسطينية، منذ ربع قرن، أي منذ توقيعها اتفاق أوسلو (1993)، إن في شأن انتهاجها خيار عملية التسوية، كخيار وحيد، أو في شأن رهانها على الولايات المتحدة، كراع نزيه لهذه العملية، إذ بدا أن تلك القيادة فقدت فجأة عالمها الذي اعتادت عليه، لا سيما ما يتعلق بالتغطية السياسية والمالية لوجود السلطة.
هذا ما يمكن استنتاجه من خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام مجلس الأمن الدولي (20/2)، الذي تضمن اعترافات صريحة ومهمة تخصّ واقع السلطة الفلسطينية (وهذه ليست المرة الأولى)، لا سيما ما جاء في قوله: «أصبحنا سلطة بدون سلطة وأصبح الاحتلال بدون كلفة، نحن نعمل عند الاحتلال...فلتتحمّل إسرائيل مسؤولياتها كقوة احتلال... بالضفة وغزة، أما أن يبقى الوضع على ما هو عليه، فهذا غير مقبول».
بيد أن الحديث بهذه الدرجة من الواقعية والجرأة لا يغطّي حقيقة أخرى مفادها أن القيادة الفلسطينية ذاتها مسؤولة، أيضاً، عمّا وصلت إليه، بحكم خياراتها وطريقة عملها، وبحكم أنها لم تنتقد النهج الذي سارت عليه. مثلاً، فهي التي وقعّت اتفاق أوسلو (1993)، من دون الارتباط بقرارات المرجعية الدولية، التي أضحت تطالب بها الآن، هذا أولاً، ثانياً، هي التي رضخت لقبول مرحلة الحكم الذاتي الانتقالي، وتأجيل البتّ بالقضايا الأساسية (اللاجئون- القدس- المستوطنات- الحدود- الترتيبات الأمنية) إلى مرحلة ثانية من المفاوضات، تاركة الأمر لمزاج إسرائيل أو «كرم» أخلاقها، التي تبيّنت عن أوهام خطيرة ومكلفة. ثالثاً، هي التي استمرت على خيار»أوسلو»، منذ ربع قرن، في حين أن إسرائيل تملّصت منه (منذ 1999) برفضها تنفيذ استحقاقات الحل الانتقالي، وبإصرارها على فرض املاءاتها في القضايا الأساسية المذكورة، كما ظهر من مواقفها المتعنّتة في مفاوضات كامب ديفيد2 (2000). رابعاً، هي التي وضعت رهاناتها على الولايات المتحدة، باعتبارها لها راعياً نزيهاً ووسيطاً محايداً وضامناً موثوقاً لعملية «السلام»، وهي التي أقلعت عن ذلك الآن بسبب مواقف ترامب، رغم أن كل الرؤساء الذين سبقوه لم يقوموا بما عليهم من أجل الضغط على إسرائيل، ولو بالوسائل الناعمة. ويلفت الانتباه إلى أن تلك القيادة لم تفعل شيئاً (إبان توقيع أوسلو) للطلب من الولايات المتحدة إزالة اسم منظمة التحرير من قوائم الإرهاب، ووقف الجدل الذي كان يدور منذ ذلك الوقت (أواخر الثمانينيات) في الكونغرس في شأن الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل.
حسناً، لقد انقشعت أوهام تلك القيادة، بعد زمن طويل، لكن الوضع الفلسطيني نتيجة تلك الأوهام أو الرهانات الخاطئة بات مقيداً، وبالغ الهشاشة، إذ لم يعد قادراً على حمل أية توجهات أو خيارات جديدة أو مغايرة، إذ إنه في غضون تلك الفترة (ربع قرن)، تم تهميش منظمة التحرير، واستبعاد اللاجئين من معادلات الصراع ضد إسرائيل، واختزال قضية فلسطين بالأراضي المحتلة، والكفاح الفلسطيني بالمفاوضات، وحقوق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة في جزء من أرض فلسطين (22 في المئة)، كأن الصراع بدأ مع إسرائيل منذ احتلالها الضفة والقطاع.
وباختصار فإن القيادة الفلسطينية أسهمت في تسهيل واقع من الاحتلال المريح، بل والمربح، لإسرائيل، مع علاقات التنسيق الأمني والتبعية الاقتصادية، وفي وضع باتت فيه السلطة مدينة لهذا المسار السياسي، أو مثقلة به، بحكم وجود حوالي ربع مليون موظف، في السلكين المدني والأمني، وباعتماديتها على المساعدات الخارجية المتأتية من الدول المانحة، سيما من الولايات المتحدة، ومن العوائد الضريبية التي تجبيها إسرائيل من تجارة الأراضي المحتلة، والتي تقوم بالامتناع عن تسليمها أحيانا في سياق ضغطها على السلطة.
على أي حال، نحن إزاء صحوة بعد زمن قدره ربع قرن، مع كل ما مرّ من تطورات خطيرة، وأثمان مدفوعة، وجهود ضائعة، ومع استشراء الاستيطان، وبناء الجدار الفاصل، وترسيخ الهيمنة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، لذا يمكن طرح السؤال الآتي: ترى كم كانت وفّرت تلك القيادة من جهودها ومن تضحيات شعبها؟ أو كيف كان يمكن أن يكون الوضع لو أنها ركزت جهودها في معارك مفيدة ومجدية لو أنها قالت ما تقوله الآن، في شأن الحسم في قضايا الاستيطان والحدود والقدس؟
تعال نخبرك الحقيقة مجانا
* قناة مستمرون : http://t.me/mostamron
* قناة ساخر: https://t.me/h_alsakher
* قناة التوظيف: http://t.me/UNedu
* قناة احفظ كلمات أكثر : https://t.me/en_55555
* انا توجيهي: http://t.me/m_tawjehy
*مجموعة الفيسبوك : http://bit.ly/3mRR6nY
* تابعني : http://bit.ly/2ICC
الكلمات الدلالية (Tags) |
اعترافات, شريحة, عباس, ومتأخّرة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |